يطلق مصطلح العلامة التجارية عادة على الشركات أو المؤسسات الكبيرة التي تعرف منتجاتها بمجرد رؤية علامتها التجارية أو ذكر اسمها، وتنفق الشركات في سبيل نشر علامتها التجارية مبالغ طائلة.
لكن مصطلح “بناء العلامة التجارية” لم يعد قاصراً على الشركات الكبرى والمنتجات، ففي عصر الإنترنت وثورة المعلومات ومواقع التواصل أصبح التعبير يطلق أيضاً على الأشخاص الذين يجعلون من أسمائهم علامات تجارية شخصية، قبل أن يصبحوا في قمة النجاح مثل المدير التنفيذية لياهو ماريسا ماير، ولاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو.
وأصبح متاحاً الآن لكل شخص أن يقوم ببناء علامته التجارية الشخصية، فنسبة 92% من الأطفال تحت سن 18 عاماً، لديهم علامة تجارية تساعدهم على بناء سيرة ذاتية تساعد بشكل سريع وفعال في تحقيق الوظيفة التي يرغبون فيها.
ويمكننا القول إن العلامات التجارية تهدف إلى جذب جمهور كبير حول الشخصية المميزة التي تقدم محتوى مميز يمثل تلك العلامة التجارية، ويجرى لها عملية تسويقية خاصة، ولكي تكتسب شهرتها يلزمها العمل الجاد لسنوات.
وتقول لورا ريس، الكاتبة وخبيرة العلامات التجارية الشهيرة أنه “تكمن أهمية العلامة التجارية في أنها هي الصورة التي تعلق بأذهان الناس، مثل موقع جوجل الذي ارتبط بالبحث على الإنترنت”.
ولنقرب الفكرة عليك التعرف على نموذجين أحدهما ماريسا ماير، المديرة التنفيذية لشركة ياهو، التي استطاعت تكوين علامة شخصية لها قبل أن تحقق النجاح الوظيفي، لتصبح خبيرة جيدة في العلامات التجارية، بعيدًا عن كونها أول مهندسة تعمل في “جوجل”.
ثم اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو، لاعب نادي ريال مدريد الإسباني، والحائز على جائزة أفضل لاعب في العالم 3 مرات في خلال 6 سنوات فقط، فيمتلك هو الآخر علامة تجارية شخصية تنافس بقوة في السوق العالمي تحت اسم”CR 7”
ويعتبر رونالدو الرياضي الأكثر شهرة عبر مواقع التواصل الإجتماعي لامتلاكه أكثر من 200 مليون متابع، إذ يعد ذلك عاملاً مساعدًا هامًا في إعلانات الشركات الراعية التي تتعاقد مع علامته التجارية الشخصية مثل: نايك، وسماعات مونستر، وغيرها، فضلاً عن إصدار أول فيلم له في السينما باسمه يحمل اسم علامته التجارية الشخصية.
وسعى رونالدو إلى إطلاق عطره الخاص الذي حمل اسم علامته التجارية، في خطوة سبقه بها لاعب ريال مدريد السابق، ديفيد بيكهام.
إذ يبلغ راتبه السنوي فقط 56 مليون دولار، في إحصائية عام 2016، وذلك دون إضافة أرباح صفقات الشراكة والرعاية بينه وبين الشركات، بحسب مجلة فوربس.
وتبنى العلامات التجارية الشخصية، على عدة استراتيجيات يتم الاعتماد من أجل التميز، في التالي نسلط الضوء على 10 أسرار هامة في بناء علامة تجارية شخصية ناجحة.
١ – فكر من تكون؟
قبل كل شيء، يجب عليك التفكير أولاً بشأن صورتك التي ستظهر أمام الجمهور عند تقديم المحتوى الذي ستخطط له، تخيل ماذا سوف يكون انطباع جمهورك عندما يشاهدون علامتك التجارية الشخصية.
أيضاً فكر ما الذي أنت جيد فيه، كيف تقدم نفسك للناس؟، ماهي قصتك؟، كيف تصف نفسك؟، إذ تقول “لورا”: “حاول أن تفكر في الناس من حولك، فكر في الانطباع الذي تتركه لدى الأصدقاء والجيران وزملاء العمل، فكر في علامتك التجارية الخاصة”.
لا تنس أن تدرس نقاط قوتك ونقاط ضعفك، ما تؤمن به وما لا تؤمن به، وكن واقعياً مع جمهورك، وطبيعياً أيضاً، فالناس لا يثقون بماهو غير حقيقي غالباً، وتذكر أن علامتك التجارية الشخصية، هي انعكاس لما تكون عليه.
٢- عزز تواجدك عبر مواقع التواصل الاجتماعي
هل تملك حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل تعتقد أن صورتك الشخصية على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي احترافية؟ هل تعرض أعمالك عبر تلك المنصات باستمرار؟
ينصح الكاتب دان شوبل، في مقال له للراغبين في بناء علامتهم التجارية، بتعبئة بياناتهم الشخصية، وتعزيز تواجدهم عبر صفحاتهم على منصة “لينكد إن”، وحساباتهم الشخصية أو صفحاتهم عبر “فيسبوك”، وعبر “تويتر”.
سهلت منصات مواقع التواصل الاجتماعي من بناء العلامات التجارية الشخصية بشكل كبير، فبدلاً من نشر البطاقات الشخصية التي تحتوي على الاسم والموقع الوظيفي، باتت فرص التعريف بك أقوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
٣- أنشئ موقعك الخاص
هل لديك موقع يمثل علامتك التجارية الشخصية عبر الإنترنت؟ تعد تلك الخطوة هامة لأن يكون اسمك في ترتيب محركات البحث، كما ينصح توماس سميل مؤسس بشركة Fe Interntational، باستثمار فرص توفرها مواقع الاستضافة للراغبين في حجز دومين لمواقعهم عبر الإنترنت، وأشهرها موقع Go daddy الذي يوفر عروضاً تصل إلى 1 دولار للدومين.
ويقول “سميل” حاول أن يكون الدومين حاملاً لاسمك بقدر الإمكان، وألا يتم التأخر في تلك الخطوة، لأهميتها، كما ينصح أيضاً بأن تقيم نفسك عبر نتائج محرك البحث جوجل، للاطلاع على انطباع الناس عنك، ومدى تقدمك في بناء علامتك التجارية.
يمكنك التدوين أو إضافة محتواك باستخدام منصات مجانية مثل وورد بريس لتساعدك في قولبة محتواك والتحكم في موقعك بالشكل الذي ترغب.
٤- ابقَ مواكباً للحظة
ويضيف “سميل” إن في بناء العلامة التجارية الشخصية لا يهم مدى المعرفة حول المجال الذي تكون خبيراً فيه، فالنقطة الأهم هي أن تواكب ما يرغب فيه الآخرون في الوقت الحالي، وتتابع الموضوعات الأكثر تداولاً، فالأشياء تتغير أكثر من أي وقت قد مضى من قبل.
من الجدير بالأهمية أن تظل مواكباً للأحداث والتفاعلات التي تحدث حولك، فيرى “سميل” أنه إذا لم يتم الأخذ بعين الاعتبار تلك النقطة فإن جهدك في بناء علامتك التجارية سيضيع.
٥- لا تتوقف عن اكتساب معلومات جديدة
لا تتوقف عن اكتساب معلومات أو أشياء جديدة تنمي مهاراتك وتدعم قوة تواجدك، ولا تجعل نمو علامتك التجارية يتوقف، فالنجاح يكمن في التطور وعدم الوقوف على درجة واحدة، وإلا فالركود سيكون مصيرك.
أخيراً، إذا التزمت بتنمية علامتك التجارية الشخصية، وقتاً تلو الآخر، وواظبت على العمل على نجاحها، فستبدأ الفرص في القدوم إليك، وسيدرك الناس أنك تعلم ما تتحدث عنه، وسيدعونك لتكون جزءاً من بيئتهم، وتشاركهم.
٦- ابحث عن طريقتك لنشر قيمة مضافة
أهم ما يميز العلامات التجارية الناجحة، هو المحتوى، ويعد المحتوى المميز أهم ركيزة يعتمد عليها في جذب التفاعل مع العلامة التجارية، لاسيما وإن كان المحتوى يحمل قيمة مضافة تشبع بها رغبة لمتابعيك.
قد تقضي العديد من العلامات التجارية الكبيرة وقتاً طويلاً في صناعة المحتوى والموضوعات المميزة، وقد يصل الأمر إلى إجراء بحوث وتجارب على المحتوى قبل عرضه.
٧- التواصل الفعلي مع الآخرين
نشر “جيسون ديميرس”، المحرر بمجلة فوربس الأميركية نسخة الشرق الأوسط، سراً من أسرار نجاح العلامات التجارية وهو تواصلها الفعلي مع الأشخاص الآخرين في المناسبات والأحداث، مضيفاً أن أهمية ذلك للعلامات التجارية تعد بقدر أهمية التواصل مع الجمهور عبر الإنترنت.
ويقول “ديميرس” إن العائد من حضورك ضيفاً في المناسبات المحلية، يمكن أن يوصلك إلى أصحاب النفوذ في عملك.
ويتابع أن الاهتمام بالأشخاص المتوقع أن يتابعوك عبر مواقع التواصل الاجتماعي يعد مهماً أيضاً، فينصح بأن تسألهم حول رأيهم ومراجعاتهم حول محتواك، وما الذي يرغبون في رؤيته مستقبلاً، وقدم الشكر لهم عند نشر محتواك، ورحب بمقترحاتهم، وأجب على أسئلتهم.
٨- كافئ متابعيك
ويضيف “ديميرس” إن من أسرار نجاح العلامات التجارية للمحافظة على المتابعين، مكافأتهم، كإجراء مسابقات وتقديم المكافآت.
قد يواجه البعض صعوبة في تكلفة المتابعين، لكن يطرح “ديميرس” وسيلة أقل تكلفة وتظهر اهتمامك بالمتابعين في نفس الوقت، وهي مشاركة بعض محتويات المتابعين، أو إعطاء نصائح مجانية لهم وفق حدود خبرتك.
٩- ارتبط بالعلامات التجارية الأخرى
ترى “شاما حيدر”، الكاتبة بمجلة فوربس الأميركية وأخصائية التسويق، بأن قوة أو ضعف العلامات التجارية الشخصية يعتمد على الارتباط بالعلامات التجارية الأخرى.
وتنصح بالبدء في طلب المساعدة بالبحث عن العلامات التجارية القوية التي يمكن أن تعلي من علامتك التجارية الشخصية.
ويُقترح البدء في البحث داخل أقرب الدوائر إليك، مثل: شركة العمل، والجامعة، والزملاء.
ويقول “جيسون ديميرس” إن الحصول على مساعدة من العلامات التجارية الأخرى يمكن أن يكون كأن تحصل على إعفاءات من الناشرين، أو يقدم بعض المتخصصين خدماتهم إليها لإدارة أعمالها وشؤونها المالية، ويؤكد على أن أي علامة تجارية شخصية ناجحة في وسائل التواصل الاجتماعي، لا تحقق وحدها أهدافها، بل بمساعدة العلامات التجارية الأخرى.
١٠ – كن رحب الصدر
كن رحب الصدر عن الاستماع لانتقادات الآخرين، وتعلم من نقاط الضعف والقصور الذي تراه، أو يراه فيك الآخرون.
قد تحبطك ردود الأفعال حولك ولكن يجب عليك الاستمرار في التقدم، فالعلامات التجارية الناجحة تستغرق وقتاً طويلاً لتحقيق شهرتها وجذب فئات أوسع من العلماء، كما يقول “ديميرس”.