بغض النظر عن ذكر العواقب السلبية لتداول الأخبار الكاذبة، وتبيان الآثار السلبية التي تلحقها بالمجتمعات، لا يمكن تجاهل أكثر ممارساتها خطورة وانتشارًا، وهو التضليل المبني على نظرية المؤامرة بنسب كل شيء إلى سيطرة قوى خفية، ليسهل تصديقها من قبل كثير من الناس.
في هذا الوضع، يقع دعاة نظريات المؤامرة هدفًا أوليًا لصانعي ومروجي الأخبار الكاذبة في كل مناسبة، مساهمين بذلك في زيادة انتشار الزيف وخدمة أهدافهم، إذ تدفع عقول دعاة نظريات المؤامرة عند الشعور بالاستياء إلى قيامهم بربط الأحداث الكبيرة بمعتقداتهم، مما يجعل نظرتهم للحياة مختلفة بعيدة عن الواقع، ويدفعهم هذا الشعور إلى الدفاع عن نظريتهم. وغالبا تشتمل نظريات المؤامرة على كيان أو جهة أو شخص مسؤول عن التآمر على الشخص المؤمن بنظرية المؤامرة، والاقتناع بكونه ضمن فريق الضحية، فتضطره حالته النفسية إلى الابتعاد عن الحقائق المبسطة والمساهمة في ترويج ونشر الأخبار الكاذبة ذات النظريات المعقدة.
يحجم دعاة نظريات المؤامرة عن الخوض في الدلائل والبراهين، ولا مجال للحجة على ما يؤمنون به في نقاشاتهم، والبحث عن الحقيقة غائب عن محاولات تفسيراتهم، إذ إن الحقيقة بالنسبة لهم هي ما يتوافق مع نظرتهم الخالية من التفكير العقلاني والبعيدة أيضًا عن قبول انتقادها.
إن عقول أتباع نظريات المؤامرة بسيطة، تبحث عن أي سبيل متعلق بالعاطفة حتى تستدل بمجموعة معتقداتها ومبادئها الأخرى في الربط -بشكل غير منطقي وعلمي- بينها وبين ما تراه من أخبار مزيفة لتصديقها، واتباعها بدلاً من التحقق منها بطريقة علمية، بل قد يصل الأمر إلى الإيمان باللامصادفة نهائيًا، كما هي الحال في الأمور الكبرى التي يؤمنون بأن هناك من يقف وراءها دومًا وأن هناك مخططًا عالميًا يستهدفهم، كنظرية أن شركات الأدوية متآمرة علينا بتصنيع وباء كورونا من أجل كسب الأموال.
وما سمح بتعزيز انتشار هذه الظاهرة هو الطريقة التي تعمل بها منصات التواصل الاجتماعي بخوارزمياتها المبنية على أساس “ما يطلبه المشاهدون” في توزيع وتصنيف المحتوى، بهدف جلب المحتوى الجذاب لكل شخص وفق رؤيته لجميع أمور الحياة، حتى إن كانت خاطئة، بحسب تفاعلاته عبر تلك المنصات، خالقةً بذلك البيئة المثلى لتفشي التضليل، بدلا من الحد منها، بعيدا عن أن هذا الأسلوب يساهم في تعزيز الانقسام بين الشعوب بزيادة قناعة كل فريق برأيه دون التفتح على الآخر، مثلما برز في فترة الانتخابات الأميركية.
تصل هذه التأثيرات السلبية إلى منصات رقمية رئيسية يستخدمها معظم مستخدمي الشبكة العنكبوتية، مثل: محرك البحث غوغل. فعلى سبيل المثال: عندما تبحث عن معلومات طبية من خلاله، لا تخفي خوارزمياته نتائج البحث المزيفة المنشورة في إطار علمي، مما يطرح تساؤلاً مهمًا عن النتيجة إذا لم يكن لدى الباحث معرفة بأهمية التحقق من النتائج، واستند فقط على نتائج غوغل في بحثه عن أعراض طبية بسيطة مثلاً كالصداع والحرارة الخفيفة، فمن المحتمل أن يصدق أن لديه أيامًا معدودة يقضيها مع العائلة قبل وداع الحياة.
إذا انتقلنا من الفضاء الرقمي إلى غرف الأخبار، فسنجد من متابعة سيل الأنباء المتواردة أن أكثر أنواع التضليل قوة في التأثير يكون في ما يتحدث عنه كثير من الناس في الوقت الحالي، ويفتقر هذا الموضوع الرائج إلى المزيد من المعلومات لحداثته، مما يدفع بالمضللين إلى استغلال تلك الفجوة فورًا عن طريق بث ما هو عار عن الصحة، وخير مثال على هذا الفترات الأولى لتفشي وباء كورونا (كوفيد-19).
حتى يصدق الجمهور خبرًا كاذبًا، يحتاج مروج نظرية المؤامرة إلى وصفة لإتقان طبخته تتكون غالبًا من مكونين رئيسيين، أحدهما عنصر الوقت المناسب، عندما يكون الموضوع المستهدف هو الأكثر تداولاً في الوقت الحالي، ثم ثانيًا: عنصر العاطفة، وهو بهارات الوصفة، ويتمثل في استمالة الجمهور في اختيار ووصف القصة المضللة أو المقطع، أو الصورة المزيفة، حتى تستدعي مشاعر المتابع ويصدق ما يراه دون تكبد عناء البحث عن الحقيقة، وتلك أمور في غاية الأهمية نضعها في الاعتبار عند التحقق من منشور مشكوك في صحته.
إجمالًا، فإن نظرية المؤامرة والأخبار الكاذبة بأشكالها أمراض مجتمعية، ويستلزم في أي مرض توافر بيئة مهيأة لتفشيه، وهنا ترسم أشكال هذه البيئة عدة أمور هي: الجهل بالقصة المنشورة، وانعدام الوعي بأهمية التبين من صحة ما يُرى، وتجاهل الحذر من إعادة النشر قبل التأكد من صحة ما يُرى أو يُشاهد، وعملية نشرها بعمد أو دون قصد فعل تضليلي ينبغي لمكافحته تقوية مناعة المتلقين للأخبار الكاذبة بالتوعية بأخطارها في المقام الأول، ونشر الوعي بأهمية التحقق من كل ما نراه أو على الأقل اللجوء إلى الخبراء في هذا المجال من وحدات خاصة بالتحقق وتحليل الفبركات والزيف، إضافةً إلى أهمية معرفة أن خداعنا بما هو منشور قد يأتينا في أشكال مختلفة من دعايات و كذب وإشاعات، فدعونا لا نتساهل!
بغض النظر عن ذكر العواقب السلبية لتداول الأخبار الكاذبة، وتبيان الآثار السلبية التي تلحقها بالمجتمعات، لا يمكن تجاهل أكثر ممارساتها خطورة وانتشارًا، وهو التضليل المبني على نظرية المؤامرة بنسب كل شيء إلى سيطرة قوى خفية، ليسهل تصديقها من قبل كثير من الناس.
في هذا الوضع، يقع دعاة نظريات المؤامرة هدفًا أوليًا لصانعي ومروجي الأخبار الكاذبة في كل مناسبة، مساهمين بذلك في زيادة انتشار الزيف وخدمة أهدافهم، إذ تدفع عقول دعاة نظريات المؤامرة عند الشعور بالاستياء إلى قيامهم بربط الأحداث الكبيرة بمعتقداتهم، مما يجعل نظرتهم للحياة مختلفة بعيدة عن الواقع، ويدفعهم هذا الشعور إلى الدفاع عن نظريتهم. وغالبا تشتمل نظريات المؤامرة على كيان أو جهة أو شخص مسؤول عن التآمر على الشخص المؤمن بنظرية المؤامرة، والاقتناع بكونه ضمن فريق الضحية، فتضطره حالته النفسية إلى الابتعاد عن الحقائق المبسطة والمساهمة في ترويج ونشر الأخبار الكاذبة ذات النظريات المعقدة.
يحجم دعاة نظريات المؤامرة عن الخوض في الدلائل والبراهين، ولا مجال للحجة على ما يؤمنون به في نقاشاتهم، والبحث عن الحقيقة غائب عن محاولات تفسيراتهم، إذ إن الحقيقة بالنسبة لهم هي ما يتوافق مع نظرتهم الخالية من التفكير العقلاني والبعيدة أيضًا عن قبول انتقادها.
إن عقول أتباع نظريات المؤامرة بسيطة، تبحث عن أي سبيل متعلق بالعاطفة حتى تستدل بمجموعة معتقداتها ومبادئها الأخرى في الربط -بشكل غير منطقي وعلمي- بينها وبين ما تراه من أخبار مزيفة لتصديقها، واتباعها بدلاً من التحقق منها بطريقة علمية، بل قد يصل الأمر إلى الإيمان باللامصادفة نهائيًا، كما هي الحال في الأمور الكبرى التي يؤمنون بأن هناك من يقف وراءها دومًا وأن هناك مخططًا عالميًا يستهدفهم، كنظرية أن شركات الأدوية متآمرة علينا بتصنيع وباء كورونا من أجل كسب الأموال.
وما سمح بتعزيز انتشار هذه الظاهرة هو الطريقة التي تعمل بها منصات التواصل الاجتماعي بخوارزمياتها المبنية على أساس “ما يطلبه المشاهدون” في توزيع وتصنيف المحتوى، بهدف جلب المحتوى الجذاب لكل شخص وفق رؤيته لجميع أمور الحياة، حتى إن كانت خاطئة، بحسب تفاعلاته عبر تلك المنصات، خالقةً بذلك البيئة المثلى لتفشي التضليل، بدلا من الحد منها، بعيدا عن أن هذا الأسلوب يساهم في تعزيز الانقسام بين الشعوب بزيادة قناعة كل فريق برأيه دون التفتح على الآخر، مثلما برز في فترة الانتخابات الأميركية.
تصل هذه التأثيرات السلبية إلى منصات رقمية رئيسية يستخدمها معظم مستخدمي الشبكة العنكبوتية، مثل: محرك البحث غوغل. فعلى سبيل المثال: عندما تبحث عن معلومات طبية من خلاله، لا تخفي خوارزمياته نتائج البحث المزيفة المنشورة في إطار علمي، مما يطرح تساؤلاً مهمًا عن النتيجة إذا لم يكن لدى الباحث معرفة بأهمية التحقق من النتائج، واستند فقط على نتائج غوغل في بحثه عن أعراض طبية بسيطة مثلاً كالصداع والحرارة الخفيفة، فمن المحتمل أن يصدق أن لديه أيامًا معدودة يقضيها مع العائلة قبل وداع الحياة.
إذا انتقلنا من الفضاء الرقمي إلى غرف الأخبار، فسنجد من متابعة سيل الأنباء المتواردة أن أكثر أنواع التضليل قوة في التأثير يكون في ما يتحدث عنه كثير من الناس في الوقت الحالي، ويفتقر هذا الموضوع الرائج إلى المزيد من المعلومات لحداثته، مما يدفع بالمضللين إلى استغلال تلك الفجوة فورًا عن طريق بث ما هو عار عن الصحة، وخير مثال على هذا الفترات الأولى لتفشي وباء كورونا (كوفيد-19).
حتى يصدق الجمهور خبرًا كاذبًا، يحتاج مروج نظرية المؤامرة إلى وصفة لإتقان طبخته تتكون غالبًا من مكونين رئيسيين، أحدهما عنصر الوقت المناسب، عندما يكون الموضوع المستهدف هو الأكثر تداولاً في الوقت الحالي، ثم ثانيًا: عنصر العاطفة، وهو بهارات الوصفة، ويتمثل في استمالة الجمهور في اختيار ووصف القصة المضللة أو المقطع، أو الصورة المزيفة، حتى تستدعي مشاعر المتابع ويصدق ما يراه دون تكبد عناء البحث عن الحقيقة، وتلك أمور في غاية الأهمية نضعها في الاعتبار عند التحقق من منشور مشكوك في صحته.
إجمالًا، فإن نظرية المؤامرة والأخبار الكاذبة بأشكالها أمراض مجتمعية، ويستلزم في أي مرض توافر بيئة مهيأة لتفشيه، وهنا ترسم أشكال هذه البيئة عدة أمور هي: الجهل بالقصة المنشورة، وانعدام الوعي بأهمية التبين من صحة ما يُرى، وتجاهل الحذر من إعادة النشر قبل التأكد من صحة ما يُرى أو يُشاهد، وعملية نشرها بعمد أو دون قصد فعل تضليلي ينبغي لمكافحته تقوية مناعة المتلقين للأخبار الكاذبة بالتوعية بأخطارها في المقام الأول، ونشر الوعي بأهمية التحقق من كل ما نراه أو على الأقل اللجوء إلى الخبراء في هذا المجال من وحدات خاصة بالتحقق وتحليل الفبركات والزيف، إضافةً إلى أهمية معرفة أن خداعنا بما هو منشور قد يأتينا في أشكال مختلفة من دعايات و كذب وإشاعات، فدعونا لا نتساهل!